بيان العلماء والدُّعاة بمملكة البحرين
بشأن : قرار منع المُخالفات الشَّرعيَّة
بفنادق ثلاث نجوم
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى
آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :
فإن مما افترضه الله تبارك وتعالى على كل حاكمٍ يتولى
أمر المسلمين تحكيم شرع الله جلَّ وعلا ، قال الله تعالى : { وَأَنِ
احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ
وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ
تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ
ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ
الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ
يُوقِنُونَ} [المائدة49-50]، ومن جملة الحكم بما أنزل الله إباحة
ما أحلَّه سبحانه وتعالى ، وتحريم ما حرَّمه جلَّ وعلا ، فالحاكم مطالبٌ شرعاً
بسياسة الأمة على مقتضى الشرع ، وتصرفاته كلها منوطةٌ بما يحقق لهذه الأمة مصالحها
ويدرأ عنها ما من شأنه أن يُضر بها في أمر دينها ودنياها .
وإن مما جاءت الشريعة الإسلامية بتحريمه والزجر عنه شرب
الخمر ، فقد قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ
وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا
يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي
الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ
فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ } [المائدة90-91] ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لُعِنَتِ الْخَمْرُ عَلَى عَشْرَةِ وُجُوهٍ:
لُعِنَتِ الْخَمْرُ بِعَيْنِهَا، وَشَارِبُهَا، وَسَاقِيهَا، وَبَائِعُهَا،
وَمُبْتَاعُهَا، وَعَاصِرُهَا، وَمُعْتَصِرُهَا، وَحَامِلُهَا، وَالْمَحْمُولَةُ
إِلَيْهِ، وَآكِلُ ثَمَنِهَا ) [رواه أحمد في مسنده (4787) ، وابن ماجه في سننه
(3380) ، وصحَّحه الألباني] ، وقد اتفقت الأمة جمعاء على حُرمة ذلك كله ؛ لما في
ذلك من مفاسد تتمثل بتعطيل عقل الإنسان وجعله يتصرف تصرفاتٍ غير مسؤولة في حال
غياب عقله ، الأمر الذي قد يؤدي به إلى إهلاك نفسه وإيذاء الآخرين ، ناهيك عن
المفاسد الأخرى المعلومة لدى الجميع .
كما أن الشريعة الإسلامية قد جاءت بالدعوة للحفاظ على كل
ما من شأنه أن يصون الأعراض ، وجعلت ذلك مقصداً من مقاصدها الكبرى ، فحرَّمت من
أجل ذلك الفواحش وكل ما كان سبيلاً للوصول إليها ، قال الله تعالى : { قُلْ
إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ
وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ
يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ
} [الأعراف:33] وقال سبحانه : { وَلَا
تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء:32].
وجميعنا يعلم بأن العديد من بلدان المسلمين قد ابتُليَت
بسبب عهود الاحتلال التي مرت بها بتنحية الشريعة الإسلامية والحكم بالقوانين
الوضعية التي ما أنزل الله بها من سلطان ، فأحلَّت ما حرَّم الله تعالى ، وحرَّمت
ما أباحه الله جل وعلا ، ولا زالت المطالبات من قبل الشعوب الإسلامية بتطبيق
الشريعة الإسلامية قائمة ؛ وذلك لعلم هذه الشعوب أن صلاحها إنما يكمن بتطبيق شريعة
الله تعالى القائمة على تحصيل المصالح وتكميلها ، ودرء المفاسد وتقليلها .
ومن هنا فإن كل خطوةٍ يكون فيها تحصيل المصالح لهذه
الأمة وتكميلها ، ودرء المفاسد وتقليلها فهي خطوةٌ مباركةٌ وطيبةٌ علينا جميعاً أن
نؤيدها ونشد على أيدي القائمين عليها ، ومن ذلك القرار الصادر مؤخراً من وزارة
الثقافة بمنع المخالفات الشرعية بفنادق الثلاث نجوم ، فهو قرارٌ في الاتجاه السليم
نحو تحقيق الإصلاح الذي ينشده الشعب ويُطالب به منذ زمن .
ويجب أن يُعلم ههنا أنه مع تأييدنا التام لهذا القرار
فإننا ندعو ولاة أمر هذه البلاد إلى تعميم المنع لتلك المخالفات الشرعية وجعل ذلك
قانوناً يشمل البلاد كافة ، فينعم أهل هذه البلاد بالأمن والاستقرار ، وتتنزل
عليهم الرحمات والبركات من ربِّ الأرض والسماوات ، ويسعد الصغير قبل الكبير برؤية
بلادهم خاليةً تماماً من تلك المخالفات الشرعية التي جعلت من الخمر عنواناً لها ،
ومن الفساد الأخلاقي القائم على جعل المرأة سلعةً أساسية يُتاجر بها .
إن أبناء هذه البلاد لا يرضون أبداً أن تكون مملكة
البحرين بلاداً تُتداول بها الخمور وتُستباح بها الأعراض بحجة أن ذلك يقوي اقتصاد
البلد ، ويستقطب السياح من هنا وهناك ، فالاقتصاد القائم على ما يُغضب الله جلَّ
وعلا لا يمكن أن يكون اقتصاداً مباركاً ، والخير كل الخير إنما يكون في الاقتصاد
القائم على ما أباحه الله عز وجل ، قال سبحانه : { وَلَوْ أَنَّ
أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ
السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف:96] ، وها هي الدول التي أقامت اقتصادها على ما أحله الله
أمامنا نرى نموها وتقدمها وتطورها رغم أنها لم تتاجر بما حرَّم الله تبارك وتعالى
، أضف إلى ذلك كله كيف لعاقلٍ أن يقدِّم المصلحة المادية على مصالح المجتمع بأسره
بحفظ أبنائه من الوقوع فيما من شأنه أن يضيع صحتهم ويشتت أسرهم ؟!
وعليه فإننا ندعو كل تاجرٍ وضع شيئاً من ماله في
المتاجرة بمثل ذلك أن يتقي الله تعالى ، ويتذكر وقوفه أمام الله جل وعلا وحده ،
وأن يعلم بأن ما يجنيه من مال عن طريق المحرمات مالٌ غير مبارك ، لا يحل له الأكل
منه ، وأن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه ، قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ
تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ
وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي
اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ
أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا
وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [التحريم:8] .
ومن هنا فإننا نستنكر ما رأيناه من دعواتٍ خرجت من هنا
وهناك مطالبةً بإلغاء القرار ، حيث أنها لا تصبُّ أبداً في مصلحة هذه البلاد ، ولا
تُقيم اعتباراً للقيم والمبادئ والأخلاق الإسلامية التي قامت عليها بلادنا ، وصدق
الله القائل : { وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا } [النساء:27] .
يجب أن نكون اليوم جميعاً يداً واحدة في سبيل منع كل ما
حرَّم الله تعالى في هذه البلاد ، ودرء كل ما من شأنه أن يُسهم في إفساد مجتمعنا ،
بكل وسيلةٍ مشروعة ، كلٌ حسب قدرته واستطاعته ، فالخطباء والدعاة لهم دور كبير في
محاربة الفساد وتنبيه المجتمع ، والإعلام سواء كان مقروءاً أو مسموعاً أو مرئياً
عليه مسؤولية عظيمة في تشكيل الرأي العام في مثل هذه القضايا الكبرى بالبلد ، كما
أن كل فردٍ من أفراد هذا المجتمع عليه أن يقوم بواجبه في الدعوة إلى الإصلاح ،
وإنكار المنكرات ، والإصرار على ذلك، واتخاذ كل وسيلة مشروعة في سبيل تحقيق تلك
المطالب ، قال الله تعالى : { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ
تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ
بِاللَّهِ .. } [آل عمران:110] الآية .
وفَّق الله قادة هذه البلاد لما يُحب سبحانه ويرضى ،
وجعل أعمالهم الصالحة في رضاه ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين ، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .
صدر
: يوم الخميس – 19 رمضان 1435 هـ - 17 / 7 / 2014 م
.
أسماء الموقعين على
البيان :
1. القاضي سماحة الشيخ إبراهيم بن عبد اللطيف آل سعد
2. القاضي فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم بن راشد المريخي
3. القاضي
فضيلة الشيخ أيوب بن عيسى رشدان
4. القاضي فضيلة الشيخ جلال بن يوسف الشرقي
5. القاضي فضيلة الشيخ الدكتور جمعة بن توفيق الدوسري
6. القاضي فضيلة الشيخ حمد الفضل الدوسري
7. القاضي
فضيلة الشيخ عمر بن محمد بوعواس
8.
القاضي
فضيلة الشيخ راشد بن حسن البوعينين
9.
القاضي
فضيلة الشيخ عبدالإله بن أحمد المرزوقي
10.
القاضي
فضيلة الشيخ عبد الله بن فارس آل خليفة
11.
القاضي
فضيلة الشيخ عبد الله بن عدنان القطان
12.
القاضي
فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن ضرار الشاعر
13.
القاضي
فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن محمد الفاضل
14.
القاضي
فضيلة الشيخ عدنان بن عبد الله القطان
15.
القاضي فضيلة الشيخ عمر
الحميدان النجدي
16.
القاضي
فضيلة الشيخ الدكتور فيصل بن عبد الله الغرير
17.
القاضي
فضيلة الشيخ وليد بن عبد المنعم آل محمود
18.
القاضي فضيلة الشيخ عمر بن
دعيج آل خليفة
19.
القاضي
فضيلة الشيخ الدكتور ياسر بن عبد الرحمن المحميد
20.
فضيلة الشيخ الدكتور أحمد بن
عبدالرحمن العسيري
21.
فضيلة
الشيخ الدكتور أحمد بن محمود آل محمود
22.
فضيلة
الشيخ الدكتور أحمد بن يعقوب العطاوي
23.
فضيلة
الشيخ الدكتور باسم بن أحمد بن عامر
24.
فضيلة
الشيخ الدكتور حسن بن محمد سعيد الحسيني
25.
فضيلة
الشيخ الدكتور خالد بن خليفة السعد
26.
فضيلة
الشيخ الدكتور خالد بن عبد الرحمن الشنو
27.
فضيلة
الشيخ زكريا بن عمر الكواري
28.
فضيلة
الشيخ الدكتور صلاح بن علي الزياني
29.
فضيلة
الشيخ الدكتور عادل بن حسن الحمد
30.
فضيلة
الشيخ الدكتور عبد الله بن أحمد الحاي
31.
فضيلة
الشيخ الدكتور عبد اللطيف بن أحمد الشيخ
32.
فضيلة
الشيخ الدكتور عبد الرحيم بن محمود آل محمود
33.
فضيلة
الشيخ الدكتور عيسى بن جاسم المطوع
34.
فضيلة
الشيخ الدكتور محمد رفيق بن محمد سعيد الحسيني
35.
فضيلة
الشيخ الدكتور ناجي بن راشد العربي
36.
فضيلة
الشيخ إبراهيم بن قاسم الغانم
37.
فضيلة
الشيخ إبراهيم بن طارق بن منصور
38.
فضيلة الشيخ إبراهيم بن
عبدالرحمن الخدري
39.
فضيلة
الشيخ إبراهيم بن محمد بوصندل
40.
فضيلة الشيخ أحمد بن إبراهيم
صويلح
41.
فضيلة
الشيخ أحمد بن عادل العازمي
42.
فضيلة الشيخ أمين بن محمد
النوبي
43.
فضيلة الشيخ أيوب محمد بن
عرفة
44.
فضيلة
الشيخ بدر بن علي السورتي
45.
فضيلة
الشيخ زكريا بن عمر الكواري
46.
فضيلة الشيخ سلمان بن دعيج
بوسعيد
47.
فضيلة
الشيخ طه بن حسن القلداري
48.
فضيلة
الشيخ عبد الباسط بن صالح الدوسري
49.
فضيلة الشيخ عبدالرحمن بن
علي عيفان
50.
فضيلة
الشيخ عبد الله بن محمد الكوهجي
51.
فضيلة
الشيخ عبد الله بن محمد سعيد الحسيني
52.
فضيلة
الشيخ عبد الله بن محمد الحمادي
53.
فضيلة
الشيخ عبد الرحمن بن إبراهيم بن عبد السلام
54.
فضيلة
الشيخ عبد الناصر بن عبد الله بن إبراهيم
55.
فضيلة الشيخ عدنان البدر
56.
فضيلة
الشيخ عصام بن إسحاق العباسي
57.
فضيلة
الشيخ عفان بن حسان الزيادي
58.
فضيلة الشيخ علي بن محمد بن مطر
59.
فضيلة الشيخ علي بن خليفة
الزياني
60.
فضيلة
الشيخ مبارك بن عبد الله الكبيسي
61.
فضيلة
الشيخ محسن بن مصطفى الواعظ
62.
فضيلة
الشيخ محمد بن حمزة فلامرزي
63.
فضيلة
الشيخ محمد بن سالم بوقيس
64.
فضيلة
الشيخ المقرئ محمد سعيد الحسيني
65.
فضيلة
الشيخ محمد بن خالد بن إبراهيم
66.
فضيلة
الشيخ محمد بن عبد الله جناحي
67.
فضيلة الشيخ محمد بن علي
الشافعي
68.
فضيلة الشيخ محمد بن وليد الخاجة
69.
فضيلة
الشيخ الفقيه مصطفى بن نور الواعظ
70.
فضيلة
الشيخ نبيل بن خليل بن علي
71.
فضيلة الشيخ نصيب بن خضر بن
سعيد
72.
فضيلة
الشيخ وضاح بن علي العبسي
73.
فضيلة
الشيخ يوسف بن عبد الرحمن فقيه
74. فضيلة الشيخ يوسف بن محمد الريس